الفرص المتاحة في زمن الكورونا: نظرة تفاؤل
بقلم نادر عاشور
فرضت الأسابيع القليلة الماضية أوقاتًا عصيبة علينا جميعًا سواء على الصعيد النفسي أو الجسدي. فمع متابعتنا المستمرة لآخر أخبار فيروس الكورونا، لا يمكننا أن نعزل أنفسنا عن شعور القلق السائد حول العالم. فقد كان للفيروس المستجد تأثيرات
غير مسبوقة على أنظمة الرعاية الصحية، والاقتصاد، وأسواق المال العالمية، ومستويات البطالة، والأهم من ذلك، التأثيرات الكبيرة التي خلفها، وسيخلفها، الفيروس على الإنسانية في مختلف أنحاء العالم. فالبقاء في المنزل والاتصال الدائم عبر الهواتف الذكية يعني
أننا غير قادرين على تجنب الأخبار، الأمر الذي كان له وطأة كبيرة علينا.
ومع ذلك، نحن واثقون من أن عاصفة الكورونا ستمر وسننجو منها -بإذن الله- وسنواصل الازدهار. أما الآن، فمن المهم أن نعرف كيف نتكيف ونحافظ على إيجابيتنا، وأن نسعى جاهدين إلى تحقيق ما يمكن تحقيقه من الاستفادة من هذه الأزمة. وللحفاظ على التفاؤل، أشارككم
اليوم ثلاث فرص رأيتها بوضوح واستفدت شخصيًا منها:
تسريع الابتكار: ساهمت الأزمة الحالية في تحفيز الابتكار على المستوى العالمي، سواء من حيث البحث عن اللقاح، أو الأجهزة الطبية، أو التطورات الهامة في مجال قنوات التوزيع وسلاسل التوريد، والنماذج الجديدة لخدمة العملاء. أمّا المؤسسات، وبعد أن
وجدت نفسها تسابق الوقت بدافع هدف مشترك سامٍ، فقد أصبحت مُجبرة على تحويل أعمالها بسرعة فائقة واعتماد المرونة في التنفيذ، من خلال كسر الحواجز الهرمية والتقليدية في هياكلها التنظيمية. وفي هذا السياق، وجدنا في بوبا العربية أفضل طريقة للتعامل مع الأزمة
هي: التجربة والخوض في المجهول والتفكير والتعلم من أخطائنا، ومن ثم تعديل المسار بشكل سريع. ومن خلال إدارة فريق الأزمات في الشركة تحت الإشراف المباشر للرئيس التنفيذي، شهدت شخصيًا توحدًا في صفوف الموظفين من مختلف المستويات والأقسام بهدف تنفيذ حلول سريعة
وعملية. وخلال فترة قصيرة، نجحنا في تفعيل خطط استمرارية الأعمال وتعديلها، ووفّرنا الحماية اللازمة لموظفينا، واعتمدنا نموذج تشغيل خدمات عن بعد يركز على العميل. واليوم، نعمل جاهدين وبشكل متسارع على استكمال تنفيذ برنامج التحول الرقمي والمضي قدماً في الوقت
ذاته بتفعيل استراتيجية نمو أعمال الشركة.
خدمة الوطن والشراكات الإستراتيجية: تعمل الحكومات جاهدة لحماية مواطنيها، ولا يخفى علينا أن المملكة كانت بدّاءة في وضع الإجراءات الاحترازية وتفانت في خدمة مواطنيها والمقيمين بالإضافة إلى حماية الإقتصاد الوطني خلال هذه الفترة الصعبة، ولكن
يظل واجب القطاع الخاص بأن يساهم في ذلك. فمثلاً، تعاونت شركة أبل وجوجل لتوفير تقنية البلوتوث لتمكين تتبع المخالطين والمساهمة بدورهم في الحد من انتشار الفيروس، كما تعاونت شركات السيارات مثل رولز رويس وجنرال موتورز وفورد مع حكوماتها لإنتاج أجهزة التنفس
الصناعية في مصانعها لتساهم بذلك في إنقاذ حياة عشرات الآلاف.
وفي السياق المحلي، تعاونت بوبا العربية بشكل استباقي مع وزارة الصحة من خلال مساهمة مالية لصندوق الوقف الصحي التابع للوزارة، وتسخير مركز بوبا العربية للقيادة والتحكم بفيروس كورونا لتقديم الدعم في الإجابة على المكالمات الواردة على 937، فكانت بذلك الشركة
الخاصة الأولى للتعاون مع الحكومة على كبح جماح الفيروس. وعقدنا كذلك شراكات مع مزودين الرعاية الصحية الرئيسين لتوسعة نطاق خدمات الرعاية الصحية مثل التطبيب عن بعد، والمختبرات المنزلية، وخدمات توصيل اللقاحات والأدوية.
اعتماد سياسة العمل عن بعد: مع تحول العديد من الشركات إلى العمل عن بعد، هناك إجماع عام على أن مستويات الإنتاجية لدى الموظفين زادت على نحو مدهش. في الواقع، يتساءل الموظفون الذين يجرّبون اليوم العمل عن بعد لأول مرة عن سبب تواجدهم في المكاتب
بينما يمكنهم العمل من منازلهم من دون عناء التنقل بين العمل والمنزل، والمقاطعات في مكان العمل، والخوف من تفويت المناسبات العائلية المميزة. وفي حين أنني لا أقول إن العمل عن بعد قد يكون مناسبًا للجميع أو أنه لا يتضمّن أي صعوبات، إلا أنه سيصبح من دون
شك أكثر قبولًا في المستقبل. وأرى شخصيًا أن ذلك يمثل فرصة جيدة من حيث التأثير الإيجابي على إنتاجية الموظفين ومعنوياتهم وعلى البيئة ككل بالإضافة إلى تعزيز كفاءة التكاليف التشغيلية.
يسعدني أن أعلمكم بأنني واحد من ضمن 99% من موظفي بوبا العربية الذين يعملون عن بعد حاليًا لخدمة عملاؤنا بكل ما أوتينا من قوة وإمكانيات. وعلى الصعيد الشخصي، يمكنني أن أخبركم بأنه قد ناسبتني نوعاً ما تجربة العمل من المنزل، حيث أتاحت لي إمضاء المزيد
من الوقت مع عائلتي ورفع إنتاجيتي بصورة ملموسة. ومع هذا، أعترف بأنني بدأت أحنّ إلى جو المكتب والتواصل مع فريقي وزملائي والعودة إلى عاداتي اليومية في العمل.
أؤكد ختامًا بأننا سنعود – بإذن الله -- أقوى وأكثر حماسًا لخدمتكم في بوبا العربية،
انتظرونا!